منتديات تاريخ ليبيا

مرحبا بكم في منتدي التاريخ الليبي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات تاريخ ليبيا

مرحبا بكم في منتدي التاريخ الليبي

منتديات تاريخ ليبيا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منوعة


    ظهور حركة المقاومة الوطنية في ليبيا بقيادة شيخ الشهداء عمر المختار

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 14
    تاريخ التسجيل : 01/06/2010

    ظهور حركة المقاومة الوطنية في ليبيا بقيادة شيخ الشهداء عمر المختار Empty ظهور حركة المقاومة الوطنية في ليبيا بقيادة شيخ الشهداء عمر المختار

    مُساهمة  Admin الأربعاء يونيو 02, 2010 1:02 pm

    ظهور حركة المقاومة الوطنية في ليبيا بقيادة شيخ الشهداء عمر المختار
    بقلم صلاح الدين ابوسيف الجبو
    مقدمة :
    إن ظهور عمر المختار في هذه المرحلة يعتبر حدث غير عادي وجدير بالتوثيق والبحث, فقيادة عمر المختار لحركة المقاومة في ليبيا ظهرت بنفس فترة ظهور الحكم الفاشستي, وتوقعت ايطاليا والعالم أنه سوف يتم السيطرة التامة على ليبيا خلال شهوراً قليلة ولم يتوقعوا أن هذا الأمر سيصبح صعباً ويستمر لعدة سنوات .والحديث هنا عن شخصية تولت قيادة حركة المقاومة في أصعب وأقصى ظروفها وأصعب مراحلها أيضاً وهي مرحلة الحكم الفاشستي, فكانت حركته كالشمعة التي أضيئت في ظلاماً دامس ثم ازداد نورها وتعدد حتى أزاح هذا الظلام, فقد تولى عمر المختار قيادة المقاومة في منطقة من أشد مناطق ليبيا صعوبة من الناحية القبلية والعصبية وهي منطقة الجبل الأخضر, وقد نجح في قيادة هذه القبائل لفترة طويلة ولعل السبب يكمن في حيازته لشروط الإمامة والأمارة حتى وان لم يدعيها لنفسه مباشرة, مما وفر للفرد الليبي لقمتي الجسد والروح واكتفى هو بالأشراف والتخطيط حتى لقب أحياناً بالمشرف العام .إن قيادة عمر المختار كانت تنسجم مع التيار العام للمجتمع وخاضعة لقوانينه ونواميسه وقد زادها رسوخاً بإنطلاقه من وطن الجميع وليس وطن القبيلة فقط, وباحترامه للخصوصيات القبلية والجهوية عن طريق نظام الأدوار الذي ترك لكل تجمع حرية ترتيب أوضاعة القتالية والمعيشية, فشيخ القبيلة هو المسئول الأول عن التجهيز والتدريب والسلاح والتموين وتسلم الأوامر والمهام القتالية وتكليف من ينفذها, وبذلك أتاح جو من التبارز والتنافس الشريف بين كل المجموعات لتعبر كل مجموعة عن قيمتها المعنوية والمادية مقارنة بغيرها من القبائل والمجموعات, فبرزت حوله كوكبة من الرجال لم تشعر بهيمنته عليها ولا قلل هو من شأنها أو مقدارها أمام أهلها ورفاقها ومنافسيها مما أضفت على شخصية عمر المختار كل صفات القيادة التي حرص هو شخصياً على عدم الرغبة فيها أو إظهارها, فكان المطاع وكان القائد والأب لمدة تزيد عن عشر سنوات ساعدته خلالها خلفيته الاجتماعية والدينية كإمام وشيخ .إن فهم وصبر وإيمان وعبقرية عمر المختار شهد لها العدو قبل الصديق فقد استطاع قيادة المجتمع الليبي في فترة من أحلك فترات تاريخه سار أثنائها الجميع خلفه بطواعية وجدية مصدرها خلفيته وقدراته الشخصية ومعرفته الدقيقة بقوانين المجتمع المحلي وأعرافه .
    نسبه وتعليمة:
    هو ابن المختار وابن عائشة من قبيلة المنفة عائلة فرحات وهي من اكبر القبائل العربية التي تقيم بالبطنان بمنطقة دفنه قرب مدينة طبرق, ولد في سنة 1862م وكفله أبوه وعنى بتربيته فنشأ في بيت عز و كرم تحوطه شهامة العرب وحرية البادية وحوله مظاهر الفروسية ودواعي الاعتزاز بالنفس مما بعث في تلك النفس الكبيرة حب التضحية والجهاد ،وحينما بلغ عمر المختار سن التعليم أرسله والده لحفظ القرآن والعلوم الأخرى بزاوية الجغبوب, فنشأ على حب واحترم المبادئ الإسلامية السامية .(1)درس عمر المختار في هذه الزوايا العلوم الشرعية (القصور، الجغبوب, ... ) وهي تتألف من القرآن الكريم والسنة النبوية وما يتعلق بهما من دراسات اللغة العربية والفقه والمنطق والتاريخ ولم تقتصر دراسة عمر المختار على هذه العلوم بل تعدتها إلى تعلم بعض المهارات والحرف اليدوية كالنجارة والحدادة والبناء, كما تلقى بعض التدريبات على فنون القتال وقد أظهر براعة خاصة في ميدان الفروسية مما أكسبه احترام أساتذته له . لقد استمرت دراسة عمر المختار في الجغبوب حوالي ثماني سنوات أتيح له فيها أن يتتلمذ على يد أبرز رجال العلم, وقد ظهرت عليه في هذه الفترة علامات الشدة والصرامة, فكان كلامه قوياً كأنه آمر يلقى أوامره لتابعيه, وقد تبين لأساتذته قوة مراسه واجتهاده, فأقيم شيخاً على زاوية القصور بالجبل الأخضر في سنة 1895م, وفي سنة 1906م, دعي عمر المختار للعودة إلى زاوية القصور لتولي أدارتها مرة ثانية بعد أن لعب دوراً بارزاً في قيادة الحملة الصحراوية في وسط السودان ضد الفرنسيين, وقد منحت هذه الحملة عمر المختار فرصة ثمينة للتدرب العملي على القتال, ومواجهة المستعمرين الأوروبيين .(2) كفاحه ضد الغزاة الطليان:
    عاد عمر المختار من محاربة الفرنسيين في وسط السودان ليشاهد مخاطر تغلغل الاستعمار الإيطالي في بلده ليبيا, فقد أسس الإيطاليون بنك دى روما في طرابلس سنة 1907م, ثم فتحوا فروعاً في بنغازي وأثنى عشر مدينة أخرى في ليبيا خلال الفترة 1908م ,1911م , كما شرعوا في محاولة السيطرة على تجارة ليبيا الخارجية من خلال شراء المنتجات المحلية كالصوف والحبوب والجلود وغيرها, وتصدير المنتجات الإيطالية إلى الأسواق الليبية, إضافة إلى ما تقدم شرع الإيطاليون بشراء الأراضي الليبية تمهيداً لإقامة مشروعات استيطانية لهم, مما أثار الخوف العميق في نفوس أبناء الشعب من عواقب هذا التغلغل الاقتصادي في بلادهم, والذي كان يسير إلى جانبه تسلل ثقافي وسياسي من خلال تأسيس المدارس الإيطالية وتشجيع نشاط الإرساليات التبشيرية .
    لقد كان واضحاً أن ايطاليا تخطط لإستعمار ليبيا لإعتبارات تتصل بالتنافس الإستعماري بعد أن سبقتها في هذا المجال كلاً من بريطانيا وفرنسا, لذا فقد عمدت إلى عقد صفقات مع هاتين الدولتين وغيرهما من الدول الاستعمارية لكي تكتسب سكوتهم على سياستها في هذا المجال .(3)
    هاجم الأسطول الإيطالي مدينة بنغازي في سبتمبر سنة 1911م, ومنذ اللحظة الأولى للغزو هب عمر المختار للدفاع عن الوطن فكان في مقدمة المجاهدين الذين تصدوا للعدوان واتخذ مركزه حول مرتفعات بنينة جنوبي بنغازي وأشتبك مع الإيطاليين في عدة معارك, وهاجمهم في بنغازي, وعقب وصول الضباط الأتراك إلى دور بنينة وجدوا عمر المختار أمامهم وقد واصل جهاده مع القوات التركية تحت إمرة قائد دور بنبنة عزيز على المصري حتى انتهت الحرب رسميا بين تركيا وايطاليا لصالح الأخيرة بموجب معاهدة أوشى لوزان في أكتوبر سنة 1912م والتي بمقتضاها إنسحبت الحاميات التركية من طرابلس وبرقة(4), وبذلك وقع عبأ مقاومة الإحتلال على الشعب الليبي وحده, ولم يبقى إلى جانب رجال المقاومة بعد إنسحاب الجيش التركي إلا بعض المتطوعين الأتراك تحت قيادة عزيز علي المصري غير أن إيطاليا استخدمت جميع وسائل الضغط على تركيا لسحب هؤلاء المتطوعين لذلك إنسحب عزيز المصري في أواخر سنة 1913م ومعه حوالي أربعمائة متطوع بأسلحتهم, وقد حاول المجاهدون بكل الوسائل إقناع عزيز المصري بالتخلي عن الأسلحة لهم إلا أنهم لم يفلحوا مما أدى إلى مصادمات بينهم, لذا فقد أوعز احمد الشريف إلى عمر المختار بالسفر فوراً لحل المشكلة وتلافي القتال , وقد تمكن عمر المختار من تسوية النزاع سلمياً .(5)ونظراً لخبرة عمر المختار الواسعة بشؤون المنطقة الممتدة من بنغازي غرباً وحتى تاكنس شرقاً ومعرفته بأهل هذه المنطقة فقد عين السيد أحمد الشريف عمر المختار قائداً للدور الذي تكون غربي جردس الجراري وظل هذا الدور يقوم بوظيفته مع الأدوار الأخري التي أعاد بناءها احمد الشريف كدور المدور وبشمال ودور جردس البراعصه ودور القطوفيه جنوب بنغازي, وبهذا استطاع عمر المختار إستنفار القبائل وقادة المجاهدين بصفته قائداً لدور جردس وشيخاً لزاوية القصور الدينية, واستطاع أن يقود ويخطط للهجوم الإيطالي داخل مدينة بنغازي, وإشترك مع المجاهدين يوم معركة السلاوي, كما ساعد في عمليات تجميع المجاهدين وإعداد المتطوعين لمقاومة جحافل الغزو واستمروا كذلك حتى باشر إدريس السنوسي فتح باب المفاوضات مع الطليان والانجليز وقد حدثت عدة مفاوضات بين إدريس السنوسي وبين الإيطاليين في الزويتينة سنة 1916م, وعكرمة سنة 1918م, ومن نتائجها الخطيرة على حركة الجهاد أن تخلص من عمة أحمد الشريف ونفاه إلى تركيا سنة 1918م .ولم تقابل سياسة إدريس السنوسي في المفاوضات مع الإنكليز والإيطاليين بالرضا من قبل عمر المختار وغيره من قادة رجال المقاومة ذلك لأنهم كانوا واثقين من أنفسهم وفخورين بالانتصارات التي حققوها ضد القوات الايطالية خلال الفترة السابقة لذلك أمر إدريس السنوسي عمر المختار بالبقاء بعيداً بجالو حتى لا يعكر صفو المفاوضات .
    أستمر عمر المختار في توحيد الجهود الوطنية والنضال ضد الغزاة الايطاليين إلي أن قرر إدريس السنوسي مغادرة البلاد بحجة العلاج بمصر وفي الحقيقة يعد ذلك هروباً من الساحة التي شهدت من تلك الفترة التصعيد الفاشستي للموقف وبينما القوة الوطنية علي أبواب إعلان وحدة الجهاد الوطني ضد العدو ترك إدريس السنوسي أمور البلاد تلعب بها العواصف وأمام مصير مجهول, وأصبح المجاهدين يبحثون عن شخصية وطنية قوية ذات مراس شديد تستطيع أن تضمد الجروح وتعيد ترميم البناء المنهار ، فوقع اختيارهم علي عمر المختار الذي حنكته الأيام والسنون أثناء حروبه ضد الفرنسيين في كورو وكلك وبركو ، فبدأ عمر المختار بالتعبئة الوطنية الشاملة وعقد الإجتماعات المطولة مع مشايخ القبائل وتدارس معهم أمور البلاد والمقاومة وكيفية التصدي للهجمة الفاشستية الشرسة ، فأستقر رأيهم علي ضرورة مواصلة القتال واعتمدوا إستراتيجية حرب العصابات " أضرب واهرب " واتخذوا من الجبل الأخضر مركزاً لقيادة المقاومة المؤلفة من رؤساء القبائل وقادة حركة الجهاد ، وفعلاً تحملت قيادة المجاهدين الجديدة عبء التموين والتسليح والتجنيد فالتزمت كل قبيلة بتطبيق هذا المبدأ ووفرت السلاح والمؤن والمتطوعين من أفرادها والذين بلغوا خلال سنتي 1924 - 1925م, حوالي الثلاثة الآف متطوع .
    عقب سقوط حكومة إجدابيا (سنة 1923م) - إمارة إدريس السنوسي - خاض عمر المختار أولي معارك عودة الكفاح الوطني عند بئر الغبي في 10 أبريل 1924م ، حيث تصدي هو ومجموعته إلي قافلة من السيارات الايطالية وانتصروا عليها ودمروا ثلاث مدرعات منها وتعد معركة بئر الغبي ذات طابع خاص في حركة الجهاد الليبي ونقطة البداية لثورة عمر المختار ومن نتائجها المهمة أنها كانت الحافز لجميع أبناء القبائل الذين هبوا للانضمام إلي الأدوار عند سماعهم بنبأ الانتصار وكانت فاتحة خير حيث بدأ عمر المختار يفتتح أدواراً جديدة كما أعاد تنظيم الأدوار السابقة التي كان قد تصدع نظامها علي يد إدريس السنوسي ، وكذلك أعاد تنظيم قوة كان العنصر الرئيسي فيها مستمداً من تلك الأدوار التي استولي عليها الطليان عقب هجومهم الغادر علي معسكرات المجاهدين في ديسمبر سنة 1922م ،والتفت تلك القوة حول عمر المختار تشد من أزره يخطط ويعد لشن الغارات المتلاحقة علي مراكز وتجمعات العدو (6)لقد واجهت الأدوار التي شكلها عمر المختار الهجوم الايطالي الكاسح بأسلوب حرب العصابات ، فكانت تظهر بشكل مفاجئ وتضرب العدو ثم تختفي ، وكان عدد أفراد كل دور يتراوح بين 100-300 مقاتل ، ولم يزد مجموع المقاتلين المتواجدين تحت قيادة عمر المختار في وقت واحد عن ألف مقاتل ، (7) ولكن رغم هذه القلة في العدد ، فقد كانت الفاعلية عالية جداً حتى أن السفاح غراتسياني أعترف بنفسه أن عمر المختار قد خاض ضده مائتين وثلاثة وستين معركة -263- في مدة لا تتجاوز عشرين شهراً ،(Coolهذا عدا ما خاضه عمر المختار من معارك خلال عشرين سنة قبلها كان السيد عمر المختار يحمل فيها علم الجهاد لنجد أن عدد المعارك التي شارك فيها قارب ألف معركة أعتمد فيها عمر المختار علي إستراتيجية الذات والمصادر المحلية بالإضافة إلي ربط أهم الصلات وأهالي المستسلمين ظاهرياً للسلطات الايطالية في حين إنهم هم سند لحركة الجهاد يمدونها بالمال والمعلومات والأسلحة والذخيرة. وتعد معركة الرحيبة في مارس 1927 م ، هي اصدق مثال علي التعاون بين المجاهدين والمجندين مع الطليان حيث أن المجندون الليبيون مع الطليان لم يطلقوا إلا عيارات نارية قليلة في الهواء ومع ذلك فقد كانت الهزيمة للقوات الايطالية ساحقة، هذا بالإضافة إلي المساعدات التي كان يقدمها الأهالي من زكاة العشر عن مواشيهم وممتلكاتهم وما يقدمونه من تبرعات لحركة الجهاد في الخفاء بالإضافة إلي المعلومات حول تحركات العدو مما أفشل جل الخطط الايطالية لمباغتة الأدوار ، (9) كل ذلك جعل القيادة الايطالية تدرس بدقة عوامل صمود المقاومة الوطنية بقيادة عمر المختار لذلك دعتهم عقليتهم الفاشية إلي أساليب جديدة تمثلت في النفي والتشريد والإبادة الجماعية حيال السكان العزل وإحكام السيطرة علي طول الساحل الليبي ومد أسلاك شائكة عبر الحدود الليبية والمصرية يبلغ طولها حوالي ثلاثمائة كيلو متر تبدأ من البحر الأبيض المتوسط في الشمال وتنتهي عند الجغبوب في الجنوب ، ومن خلال سياسة التجويع والتشريد والاعتقال والإفناء برزت فكرة المعتقلات الجماعية التي ساهمت في كسر فعالية حركة المقاومة مما أدت إلي إفناء جزء كبير من المجتمع الليبي وهي فكرة لم يسبق حدوثها في التاريخ (( المعتقلات الجماعية )) وقد بلغ عدد المعتقلات الرئيسية أربعة وهي معتقل العقيلة ومعتقل سلوق ومعتقل البريقة ومعتقل المقرون ، أما المعتقلات الفرعية فهي معتقل الترية ومعتقل عين الغزالة ومعتقل العقورية ومعتقل طلميثة ومعتقل دريانة ، وهي أما معتقلات للتجميع أو لتنفيذ عقوبات ضد بعض القبائل التي كانت لها صلات مع عمر المختار ، وقد بلغ عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم حسب المصادر الايطالية مئة وستة وعشرون ألف (126.000) فقد منهم حوالي تسعون ألف (90.000) والباقي خرجوا عن المعتقلات أنصاف أحياء ، وهاجر إلي المناطق المجاورة تونس وتشاد ومصر والسودان حوالي مائتان وخمسون ألف (250.000) وثلاثة أمثالهم فقدوا في الإبادة الجماعية وفي المعارك الخارجية التي خاضتها ايطاليا في الحبشة وغيرها (10)
    أسره وإعدامه:
    في ظل هذه الظروف الصعبة أخذ العدو يحكم حصاره وضرباته ضد عمر المختار وأتباعه كما وضع مكافأة مقدارها مائتي ألف فرنك لمن يأتي بعمر المختار حياً أو ميتاً ، ولكن عمر المختار لم يتراجع أو يحاول الاختفاء من علي مسرح الصراع بل واصل تنظيم الهجمات ضد العدو ، وبينما كان عمر المختار في سرية من المجاهدين تتكون من خمسين مجاهداً أثناء عملية استكشافية لموقع العدو لرصد تحركاته وإذ به يفاجأ وهو في أحد الوديان بطلائع جيش العدو المكونة من أربعة فرق تحت قيادة أمهر القادة العسكريين الايطاليين (( أبياتي )) والذين تعرفوا علي مكان وجود عمر المختار عن طريق الجواسيس والمتعاونين معهم ووجد عمر المختار نفسه مطوقاً من جميع الجهات فأمر أصحابه بالهجوم لفتح ثغرة في صفوف العدو ولكن دون جدوى فكلما أبادوا فرقة إعترضتهم الأخرى حتى نفذت الذخيرة من المجاهدين واستشهد أغلبهم وقتل جواد عمر المختار وأصيب هو بعدة جروح وكسور في عظام اليد فالتف حوله جنود العدو وأصبح أسيرا في أيدي القوات الايطالية وفي أثناء ذلك كان غرتسياني يقضي أجازته في روما وعندما علم بنبأ أسر عمر المختار عاد مسرعاً إلي ليبيا لإجراء محاكمة سريعة وخاطفة للحكم عليه بالإعدام .
    وفي مساء الثلاثاء 15-9-1931م عقدت المحاكمة التي لم تستغرق سوي أقل من 75 دقيقة وهو أمر لم يجري مثله في الأعراف الدولية ووجهت إليه تهمة الاعتداء علي سلامة الدولة وعلي امن البلاد ، وطلب النائب العام الايطالي بالحكم علي عمر المختار بالإعدام في حين أن مكان المشنقة قد نصب في سلوق قبل ذلك بيوم أو اثنين ليشهد أبناء ليبيا إعدام عمر المختار إمعاناً في بث الرعب والخوف في قلوبهم ، وفي الساعة التاسعة من يوم 16-9-1931م نفذ حكم الإعدام علي شيخ الشهداء عمر المختار ، (11) علي أيدي المغتصبين الفاشيين البغاة بعد أن قضي أكثر من عشرين حولاً رافعاً لواء الجهاد والحرية ضد أعداء الدين والوطن . وهكذا اعتقد الفاشست أن المقاومة الليبية قد انتهت بإعدام عمر المختار ولكن خاب ضنهم وتقديراتهم ، فقد استمرت المقاومة الوطنية حية متأصلة في أبناء المجاهدين وأحفادهم رغم هيمنة القوات الايطالية وعملائهم علي البلاد ، وأستمر عمر المختار بداخلهم إيماناً وجهاداً ، تلك هي شخصية الفارس والمؤمن البطل عمر المختار فهو لا يجود الزمان بمثله الامر في الدهر .
    الهوامش
    1-احمد محمود ، عمر المختار ، د-ت ، د-ط . ص5
    2-هاشم يحي الملاحي ، جهاد عمر المختار وتضحيات الجماهير ص 13-14 ، مجلة البحوث التاريخية ، ع 2 س10 ، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، طرابلس ، يوليو 1988م
    3- يوسف البرغثي ، البطل الشهيد عمر المختار نشأته – تعليمه – جهاده ص 353 ، مجلة البحوث التاريخية ، ع2 ،س8 مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية ، طرابلس ، 1986م.
    4- هاشم يحي الملاحي ، المصدر نفسه ص 15-17
    5-يوسف البرغثي ، المصدر نفسه ص 354-356.
    6- الطاهر احمد الزاوي ، عمر المختار ، ط 2 مؤسسة الفرجاني طرابلس ، 1970، ص49
    7- هاشم يحي الملاحي ، المصدر نفسه ص17.
    8- الطاهر أحمد الزاوي – المصدر نفسه ص52.
    9- يوسف البرغثي ، المصدر نفسه ، ص356-358
    10-مقابلة شخصية أجرتها إذاعة بنغازي المحلية مع الأستاذ ابوسيف بوزيد الجبو مدير مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية بالمناطق الشرقية وذلك بمناسبة ذكري استشهاد عمر المختار
    11- يوسف البرغثي ، المصدر نفسه ص 359- 360

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 6:48 pm